علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية: ثورة طبية تفتح باب الأمل

يُعد مرض السكري واحداً من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً في العالم، ويعاني منه ملايين البشر دون وجود علاج نهائي حتى وقت قريب. فبرغم التطور الطبي الهائل، ظل العلاج يقتصر على الأدوية، الحقن بالأنسولين، وضبط نمط الحياة. لكن في عام 2024 أعلن فريق طبي صيني عن نجاح غير مسبوق في علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية، وهو إنجاز اعتبره كثير من الأطباء ثورة طبية قد تغير مستقبل علاج هذا المرض المستعصي.
قائمة المحتويات
في هذه المقالة سنتعرف على تفاصيل هذا الاكتشاف، ما هي الخلايا الجذعية، كيف تعمل في علاج الأمراض، وما الذي يعنيه هذا الإنجاز لملايين المرضى حول العالم.
مرض السكري: لمحة سريعة
يُعرف السكري بأنه مرض مزمن يؤثر على قدرة الجسم في استخدام هرمون الأنسولين المسؤول عن تنظيم مستوى السكر في الدم.
- النوع الأول: مرض مناعي ذاتي يظهر غالباً في الأطفال، حيث يتوقف البنكرياس عن إنتاج الأنسولين.
- النوع الثاني: الأكثر شيوعاً (حوالي 90% من الحالات)، ويحدث بسبب مقاومة الجسم للأنسولين أو ضعف فعاليته.
الإحصائيات العالمية لعام 2021 أشارت إلى أن أكثر من 537 مليون إنسان مصاب بالسكري، أي ما يعادل واحد من كل 11 شخص حول العالم. والأعداد الحقيقية قد تكون أكبر بسبب الحالات غير المشخصة.
مضاعفات مرض السكري
السكري لا يقف عند حد ارتفاع السكر في الدم فقط، بل يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل:
- الفشل الكلوي.
- أمراض القلب والشرايين.
- تلف الأعصاب.
- مشاكل في العين قد تصل إلى العمى.
- ضعف المناعة وصعوبة التئام الجروح.
هذه المضاعفات تجعل المرض عبئاً ثقيلاً على المريض وأسرته، وتزيد من الحاجة الماسة إلى علاج نهائي للسكري.
قصة أول مريض شُفي من السكري
في أبريل 2024، نشرت مجلة Cell Discovery العلمية المرموقة دراسة لفريق طبي صيني أعلنوا فيها عن أول حالة شفاء تام من مرض السكري من النوع الثاني باستخدام الخلايا الجذعية.
- المريض رجل يبلغ من العمر 59 عاماً.
- كان مصاباً بالسكري لأكثر من 25 عاماً.
- عانى من مضاعفات خطيرة: زرع كلى سابق، مشاكل قلبية، وأمراض أعصاب.
- بعد زراعة الخلايا الجذعية عام 2021، توقف تماماً عن استخدام الأنسولين أو أي أدوية منذ 2022.
- نسبة السكر في دمه استقرت بشكل طبيعي حتى وقت إعلان الدراسة.
هذه الحالة فتحت أبواب الأمل للملايين، إذ تُعتبر أول دليل عملي على إمكانية القضاء على السكري بالخلايا الجذعية.
ما هي الخلايا الجذعية؟
الخلايا الجذعية أو Stem Cells هي خلايا أولية غير متمايزة، أي أنها قادرة على التحول إلى أي نوع من خلايا الجسم مثل خلايا الكبد، الأعصاب، الكلى، وحتى خلايا البنكرياس المسؤولة عن إفراز الأنسولين.
مصادر الخلايا الجذعية
- نخاع العظام.
- المشيمة والسائل الأمنيوسي.
- دم الحبل السري.
- الدم البشري.
- الأجنة المجهضة أو المجمدة (مع وجود جدل قانوني وأخلاقي حول استخدامها).
آلية علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية

تعتمد التقنية على زرع الخلايا الجذعية في جسم المريض، ثم تحفيزها لتتحول إلى خلايا بنكرياسية قادرة على إنتاج الأنسولين بشكل طبيعي.
- تُزرع الخلايا غالباً في الكبد أو البنكرياس.
- يتم تحفيزها بطرق خاصة لتتمايز إلى خلايا بنكرياس نشطة.
- تبدأ هذه الخلايا في إنتاج الأنسولين وتنظيم مستوى السكر في الدم.
بهذا الشكل يمكن إعادة الوظيفة المفقودة للبنكرياس، مما يفتح الباب أمام علاج جذري للسكري.
الخلايا الجذعية واستخداماتها الطبية
لم يقتصر دور الخلايا الجذعية على علاج السكري فقط، بل أثبتت فعاليتها في مجالات متعددة مثل:
- علاج سرطانات الدم (اللوكيميا) وسرطانات الغدد الليمفاوية.
- إصلاح الأنسجة التالفة في الكبد والكلى.
- أبحاث علاج أمراض الأعصاب مثل الزهايمر ومرض باركنسون.
- علاج بعض أمراض العقم.
هذا يجعلها واحدة من أهم اكتشافات القرن في الطب الحديث. أصبحت الخلايا الجذعية مع الوقت تريند في مجال العلوم الطبية.
البعد الديني والعلمي للاكتشاف
جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام (الهرم)”. وهذا الحديث يفتح باب الأمل لكل مريض بأن لكل مرض علاج بإذن الله، مهما بدا مستعصياً.
كما أن هذا الاكتشاف يعكس محدودية علم الإنسان أمام علم الله الواسع، إذ رغم مرور قرون من البحث لم يتم التوصل إلى علاج للسكري إلا مؤخراً، وهو ما يذكرنا بقوله تعالى: “وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً”.
تحديات علاج السكري بالخلايا الجذعية
رغم النجاح الكبير، إلا أن هناك عدة تحديات تواجه تعميم هذا العلاج:
- التكلفة العالية جداً للتجارب والعلاج.
- الحاجة إلى دراسات طويلة المدى للتأكد من استمرارية النتائج.
- بعض الجدل الأخلاقي حول مصادر الخلايا الجذعية.
- صعوبة توفير مراكز طبية مؤهلة على مستوى العالم.
الأمل في المستقبل
برغم التحديات، فإن نجاح أول حالة شفاء يفتح الباب أمام:
- تطوير بروتوكولات علاجية أوضح.
- خفض التكلفة مع مرور الوقت.
- إمكانية شفاء ملايين المرضى مستقبلاً.
- تغيير النظرة الطبية للسكري من مرض مزمن لا يُشفى إلى مرض يمكن علاجه.
علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية : الخاتمة
إن علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية ليس مجرد إنجاز طبي، بل هو نقلة نوعية تعطي الأمل لكل مريض سكري حول العالم. فرغم أن الطريق ما زال في بدايته، إلا أن نجاح الحالة الأولى يثبت أن المستحيل قد يتحول إلى واقع بفضل إرادة الله ثم جهود العلماء.
هذا الاكتشاف يدفعنا إلى التفكر في عظمة الخالق سبحانه وتعالى، الذي أودع في جسم الإنسان أسرار الشفاء نفسه. وكما قال الله تعالى: “وفي أنفسكم أفلا تبصرون”.
ولعل الأيام القادمة تحمل لنا مزيداً من الأمل والاكتشافات، لتتحول معاناة مرضى السكري إلى قصة أمل وشفاء بإذن الله.