اللقاء السري في نيوم بين السيسي ومحمد بن سلمان: كواليس وتداعيات تهز المنطقة وتحالفات خفية

في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط، والمخاوف المتزايدة من مخططات التهجير القسري التي تهدد الأمن الإقليمي، أثار لقاء سري وغير معلن بين الرئيس المصري وولي العهد السعودي في مدينة نيوم السعودية، الكثير من التساؤلات والحيرة في الأوساط السياسية والإعلامية.
قائمة المحتويات
هذا الاجتماع، الذي جاء في توقيت بالغ الحساسية، لم يكن مجرد لقاء دبلوماسي روتيني، بل كشف عن أبعاد استراتيجية عميقة ومخاطر داهمة تهدد استقرار المنطقة بأسرها.
تقرير صادر عن باحث إسرائيلي بارز في شؤون الشرق الأوسط، “بن حاس عنبري”، سلط الضوء بشكل مكثف على هذا اللقاء، مشيرًا إلى أهميته البالغة ودلالاته الكبيرة، خاصة فيما يتعلق بالتحركات المصرية والسعودية لمواجهة التحديات الراهنة.
هذا المقال سيتعمق في تفاصيل هذا اللقاء السري، ويكشف عن القضايا التي تم تناولها، والتحالفات الخفية التي بدأت تتشكل، والخطط البديلة التي يتم وضعها لمواجهة سيناريوهات قد تغير وجه المنطقة.
التوقيت الحرج واللقاء السري في نيوم
لم يأتِ لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في نيوم من فراغ، بل جاء في لحظة فارقة تشهد فيها منطقة غزة تصعيدًا غير مسبوق، ومحاولات إسرائيلية حثيثة لدفع مليون فلسطيني نحو الحدود المصرية في رفح.
هذا التوقيت الحرج، الذي تزامن مع استدعاء إسرائيل لجنود الاحتياط واستعدادها لعملية اجتياح واسعة لمدينة غزة، أثار فضول الصحافة العبرية والعالمية على حد سواء، نظرًا لسرية اللقاء وغرابته.
- فما الذي يدفع رئيس أكبر دولة في المنطقة للقيام بزيارة مفاجئة وغير معلنة لعدة ساعات فقط؟
- ولماذا لم تتم مناقشة هذه الملفات عبر اتصالات أو لقاءات دبلوماسية عادية؟
هذا السؤال المحوري يشير بوضوح إلى أن الاجتماع لم يكن يدور حول قضايا سياسية أو اقتصادية معتادة، بل كان مخصصًا لمناقشة بعد آخر تمامًا، يتعلق بالأمن القومي للدولتين واستقرار المنطقة ككل، وهو ما ركز عليه الباحث الإسرائيلي “بن حاس عنبري” في مقالته التحليلية.
وجود مسؤولين عسكريين بارزين، كرئيس جهاز المخابرات المصري، إلى جانب الزعيمين، يؤكد الطابع الأمني والاستراتيجي للاجتماع، ويكشف أن النقاشات كانت أعمق بكثير من مجرد ملفات سياسية أو اقتصادية تقليدية.
اللقاء السري في نيوم بين السيسي ومحمد بن سلمان::أبعاد الزيارة
تجاوز اللقاء السري في نيوم الأجندات التقليدية ليطرح خمسة ملفات إقليمية حاسمة، مؤكدًا أن القضايا المطروحة لم تكن محددة بملف واحد، بل كانت ترسم صورة شاملة للمنطقة في مواجهة استفزازات إسرائيل وتطلعاتها التوسعية التي تحدث عنها نتنياهو بخصوص “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات”.
أسباب طلب الاجتماع
بحسب الباحث الإسرائيلي، فإن الرئيس المصري هو من طلب هذا الاجتماع، بعد رفض إسرائيل للمرة الثانية مقترحًا مصريًا لصفقة جزئية لتبادل الرهائن، رغم أن هذا المقترح جاء بناءً على مطالب إسرائيلية في البداية.
هذا التراجع الإسرائيلي المفاجئ والرغبة في صفقة كاملة، يعكس بوضوح أجندة نتنياهو التي لا تهتم بتحرير الرهائن بقدر اهتمامها بتحقيق “الحلم الشيطاني” لإسرائيل الكبرى.
تحذيرات السيسي لولي العهد السعودي

قدم الرئيس السيسي خلال الاجتماع معلومات خطيرة لمحمد بن سلمان، محذرًا من أن سيناريو التهجير القسري لسكان غزة لن يهدد أمن سيناء وحدها، بل سيمتد ليطال حدود السعودية ومدينتها المستقبلية “نيوم” على البحر الأحمر.
هذا التحذير جاء بناءً على تحليلات تشير إلى أن تدفق اللاجئين إلى سيناء، بمن فيهم عناصر متطرفة ذات ميول جهادية، قد يؤدي إلى تحالفات مع بعض أفراد القبائل البدوية ذوي الأصول السعودية والذين لهم امتدادات في المنطقة القريبة من نيوم.
- هذا السيناريو الكارثي لا يخدم مصالح إسرائيل في زعزعة استقرار المنطقة وحسب.
- بل يخدم أيضًا جماعات مثل الإخوان المسلمين وغيرهم ممن يسعون للاستفادة من الفوضى سياسيًا وعسكريًا.
النقاشات الأمنية والاستراتيجية هذه عكست وعيًا عميقًا بالتهديدات المشتركة وضرورة التنسيق المشترك لمواجهتها.
تحالفات خفية: دور الإخوان المسلمين والمخططات الإسرائيلية
يشير الباحث الإسرائيلي إلى نقطة محورية وخطيرة تتعلق بالعلاقات الخاصة بين إسرائيل وقطر، التي تثير مخاوف كبيرة لدى كل من مصر والسعودية.
- رغم أن إسرائيل قد قصفت مكاتب المقاومة في الدوحة، إلا أن الهدف لم يكن قطر بحد ذاتها.
- بل كان الهدف تعطيل أي محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بما يضمن استمرار الحرب.
- الأخطر هو دعم قطر للإخوان المسلمين والتيار الإسلامي السياسي عمومًا.
هذا التلاقي بين أهداف قطر ودعمها للإخوان، ورغبة إسرائيل في إحداث مشاكل واضطرابات داخلية في مصر والسعودية، يكشف عن خيوط معقدة ومتشابكة.
الضغوط الإسرائيلية على مصر
أخطر ما كشفه اللقاء السري هو المحاولات الإسرائيلية للضغط على النظام المصري باستخدام أدوات متعددة:
- تصريحات استفزازية من نتنياهو.
- التهديد بمراجعة اتفاقية كامب ديفيد.
- الاستعانة بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للضغط بشأن المساعدات العسكرية.
وعندما فشلت كل هذه المحاولات، لجأت إسرائيل إلى استغلال الجماعات المماثلة للإخوان المسلمين، بل وسعت إلى إقامة حوار مع ما يسميه الباحث الإسرائيلي “النظام السوري الحالي”، في إشارة إلى أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام.
هذه الخيوط المتشابكة، من دعم قطر للإخوان، إلى محاولات إسرائيل التواصل مع جماعات إسلامية، تشير إلى أن إسرائيل تخطط لأمر ما باستخدام جماعة الإخوان المسلمين، بل ويصف الباحث ما يحدث بأن إسرائيل قد أصبحت “جزءًا من محور الإخوان في تحركاتهم في المنطقة”.
“قد يهمك: الضربة الإسرائيلية على قطر“
تصدٍّ مصري-سعودي: مواجهة المخططات وتفعيل الشراكة
أكد الإعلان السعودي المتأخر عن اللقاء السري بين الزعيمين بعد انتهائه، مدى قناعة المملكة بما طرحه الرئيس المصري من مخاطر.
هذه القناعة دفعت السعودية لإبلاغ الولايات المتحدة بمخاوفها من أن سيناريو التهجير ستكون له أبعاد إقليمية كارثية تتجاوز غزة وسيناء، وتهدد استقرار المنطقة بأسرها.
الموقف الدولي
- أظهر الرئيس ترامب تفهمًا لوجهة النظر هذه.
- تم التراجع عن مقترح تحويل غزة إلى “ريفيرا الشرق الأوسط”.
- الباحث الإسرائيلي نفسه حذر إسرائيل من مخاطر سيناريو التهجير عليها.
التحركات المصرية والسعودية
في مواجهة هذه المخططات، شهدت الفترة ما بعد الاجتماع السري نشاطًا ملحوظًا في التحركات المصرية والسعودية:
- مفاوضات لإنشاء قوة بحرية مشتركة ضمن “مجلس البحر الأحمر”.
- قلق إسرائيلي متزايد من هذه التحركات.
- وصف مجلة “أيبوك” العبرية لهذه القوة بأنها قادرة على تغيير موازين القوى في البحر الأحمر.
دور الإخوان المسلمين في المخطط
كشف الاجتماع أيضًا عن ألاعيب جماعة الإخوان المسلمين لخدمة مصالح إسرائيل.
- ظهرت مظاهرات لأفراد من الجماعة أمام السفارة المصرية في تل أبيب.
- الاحتجاج كان على “إغلاق مصر لمعبر رفح وتجويع الفلسطينيين”.
- هذا الموقف تطابق مع سردية نتنياهو التي تزعم أن مصر هي من تغلق المعبر.
هذا التنسيق بين سردية الإخوان وتصريحات نتنياهو يكشف عن خطة متكاملة لاستخدام الإخوان للضغط على مصر وإحراجها دوليًا.
“قد يهمك: تداعيات الهجوم الإسرائيلي على قطر“
خطة “اليوم التالي”: استراتيجية مصرية مدعومة سعوديًا
في مواجهة مخطط التهجير، تعمل مصر على خطة بديلة عملية وقابلة للتنفيذ على الأرض في غزة.
ملامح الخطة:
- تدريب آلاف الفلسطينيين لإنشاء قوة مشتركة أو نواة لجهاز أمني.
- قوام القوة يقدر بحوالي 10 آلاف فلسطيني.
- التدريب يتم في الأكاديميات العسكرية المصرية.
أهداف الخطة:
- تمركز قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة لفرض الأمن.
- منع إسرائيل من فرض مخطط الاستيطان.
- تحذير الصحف العبرية لإسرائيل من معارضة الخطة.
الدعم السعودي والخليجي
الخطة لا تقف عند حدود مصر فقط، بل:
- السعودية ودول الخليج أعلنت استعدادها لدعمها.
- منح السلطة الفلسطينية قوة كاملة سياسية وأمنية.
- جعل أي محاولة إسرائيلية لفرض التهجير مكلفة للغاية وقد تؤدي إلى حرب مباشرة.
اللقاء السري بين الرئيس المصري وولي العهد السعودي في نيوم: الخاتمة
اللقاء السري بين الرئيس المصري وولي العهد السعودي في نيوم كان أكثر من مجرد اجتماع عادي؛ لقد كان تحركًا استراتيجيًا حاسمًا لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية غير المسبوقة.
كواليس هذا اللقاء، وتحليلات الباحث الإسرائيلي، كشفت عن أبعاد خطيرة لمخطط تهجير غزة، ودور خفي تلعبه جماعة الإخوان المسلمين في خدمة أجندات إسرائيل.
في المقابل، تبرز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية (Saudi Arabia) كقوة مدافعة عن أمن المنطقة، من خلال:
- التحذيرات الاستراتيجية.
- تفعيل التعاون العسكري المشترك.
- وضع خطط بديلة مثل “خطة اليوم التالي” لغزة.
هذا التنسيق القوي يضع إسرائيل في مأزق كبير، ويجعل من تنفيذ مخططاتها مكلفًا للغاية، وقد يغير موازين القوى في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الأمن الإقليمي خط أحمر لن يتم التهاون فيه، وأن صلابة الموقف المصري والسعودي المدعومة من الدول العربية قادرة على إفشال أي محاولات لزعزعة استقرار المنطقة.
الأيام القادمة ستحمل بالتأكيد المزيد من التطورات التي ستشكل مستقبل الشرق الأوسط.